إشارات، دلالات وتوجهات عامة لورش إصلاح منظومة العدالة في المغرب

عبد الرحمان ملين

يعود خطاب إشكالية القضاء وضرورة إصلاحه كما هو الشأن لبعض القطاعات (التعليم، الصحة، التشغيل، السكن.........) إلى عهد بعيد قد يتجاوز تاريخ الاستقلال، ويرتبط بإرهاصات نشأة المنظومة السياسية والمؤسساتية والقانونية المغربية الحديثة. ورش إصلاح منظومة العدالة الحالي، حيث يبدو دستور 2011 منعرجا محددا له مقارنة بالدساتير السابقة، ليس بمعزل عن التفاعل مع تحولات المجتمع المغربي والتوجهات الكبرى التي يعرفها المجتمع الدولي. من بعض الدلالات التي يمكنها استنباطها من التجربة المغربية: ظاهرة "تسييس القضاء"، إشكالية إصلاح العدالة بالقانون والتنظيم القضائي، القضاء ومجال التجارة والأعمال، القضايا المتعلقة ببعض القيم، إدارة السجون، القضاء ومسألة الضمير والأخلاق. • في موضوع«تسييس القضاء»، تطرح عدة تساؤلات حول إصلاح العدالة والقضاء بالخصوص في المغرب: في أي اتجاه سيذهب الإصلاح؟السلطة ككل والمجتمع؟هل الأمر يتعلق فقط بسلطة ثالثة تخص القضاء؟ أم الأمر يتعدى مسألة هذه السلطة؟هل مع دستور 2011 ومسألة إصلاح العدالة، نحن في مجالات سياسية؟هل الإصلاح يهم فقط القضاء والقضاة أم يشمل كل مجالات ومهن العدالة والفاعلين فيها؟ أصبح القضاء يلعب دورا هاما في الحقل الانتخابي، في مجال الأحزاب السياسية (عملية التأسيس أو الحل الخ)، كما برز دوره كحكم في مجال النقابات، الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والصحافة.في نفس الاتجاه تجدر الإشارة إلى التجربة المهمة للمحكمة الدستورية وأدوارها. كما وجب لفت الانتباه إلى المجلس الأعلى للحاسبات وعلاقته بالسلطة القضائية وضبابية هذه العلاقة.هناك أيضا بعض القضايا التي تحكم ابتدائيا ويتم تكسيرها بسهولة كقضية المعطلين. هناك أيضا عدم البث في تأسيس جمعية "الحرية الآن" التي تم رفض طلبها للتأسيس من طرف وزارة الداخلية. يتأثر المغرب بما يجري في العالم في مجال إصلاح القضاء خاصة فيما بات يعرف بتسييس القضاء أو ما يعني شيوع أكثر ونزوح أكبر للقضايا من الساحة السياسية إلى الساحة القانونية. وهكذا يبدو أن استقلالية القضاء إن لم يكن في اتجاه عقلتنه سيصبح نقاشا سياسيا فقط. وهذا ما تدل عليه بعض المؤشرات، فمع صدور ميثاق إصلاح القضاء مثلا ما زال النقاش محتدما.كما يظهر أن "الحراك" القضائي مستمر، لكن السؤال الذي يطرح، أي "حراك" سيكون له دينامية أكبر، "الحراك" الصرف أو التفاعلي. تبرز أيضا مسألة إصلاح العدالة في المغرب من الزاوية الوقتية أو الزمنية للسياسات العامة أو العدالة كسياسة عمومية. ويلاحظ أن هناك عموميات في هذا المجال، حيث يبدأ الأمر بمبادرة ملكية، تليها تأسيس لجن، ثم إنجاز تقرير أو ميثاق على أساسه تنبثق مسودة قانون ثم مشروع قانون وآليات المصادقة عليه. وتبقى بعد ذلك مسألة صعوبة التطبيق أو التنزيل على أرض الواقع. هناك أيضا إشكالية الأرباح والخسائر إذا صح التعبير المترتبة عن الإصلاح. لأن كل إصلاح يحمل في طياته أرباحا وخسائر لمؤسسات وأفراد وجهات معينة. ومن خلال هذه الفرضية هناك إشكالية العلاقة القوية بين وكيل الملك والأمن الوطني وما قد يترتب عن استقلال وكيل الملك على مصالح الأمن الوطني والضابطة القضائية. المسألة تتجاوز إشكالية الحقوق. وفي نفس السياق هناك الإضعاف المحتمل ليس فقط لوزارة العدل ولكن أيضا لوزارة الداخلية بالأساس. نحن إذن في تصنيفات سيئة التقطيع. إن جوهر وصلب الإصلاح في الشكل أو التصميم وقبل كل شيء في التطبيق. من ناحية أخرى هناك مناضلون من أجل الحقوق وممارسون فعليون أو معنيون مباشرون بضمانها. وهذا الأمر ليس بالهين في تدبيره، ومن جهة أخرى يعتبر في بعض الأحيان أن السلطة التشريعية هي الأساس وباقي السلط هي فقط فرعية. كما يعتبر من قبل البعض أن فصل السلط يفرغ مسالة الديمقراطية التمثيلية من محتواها. ثم مازال البعض يعتبرون قطاع القضاء قطاعا من قطاعات السيادة. من جهة أخرى تطرح مسالة الثقة في منظومة العدالة. في هذا الصدد أشارت إحصائيات إلى انه فقط 23% من المواطنين يثقون في القضاء في حين أن نسبة الثقة لديهم أكثر فيما يخص الأمن الوطني والجيش الملكي على سبيل المثال. وفي كل الأحوال يعتبر إصلاح القضاء وحتى في جانبه السياسي دو فوائد جمة. في هذا الإطار يخص بالذكر: -تقوية الروابط مع المؤسسات العمومية كلها. -تقوية الثقة في القضاء ومنظومة العدالة. -تقوية مراقبة القضاء للمجتمع. -تحسين ثقة المواطنين في الخدمة العمومية عامة. في حين يرى بعض المحللين أن نجاح أي مشروع إصلاح القضاء يستدعي بالضرورة أخد البعد السياسي للإصلاح بعين الاعتبار. ويقتضي ذلك اعتماد مقاربة متكاملة تتأسس على المداخل التالية: إصلاح القضاء بفصل السلط،ضرورة إصلاح النيابة العامة والضابطة القضائية كمكون أساسي لإصلاح القضاء وإعادة النظر في علاقة القضاء والإعلام. • كما يوجد ارتباك واضح بين إصلاح العدالة والقانون والتنظيم القضائي أو إصلاح العدالة بالقانون. وهنا تبرز على ما يبدو بعض صعوبات إصلاح القضاء ومنها: -إصلاح القضاء في يد الحكومة أو الحاكمين وبالتالي يلاحظ استعماله كأداة لإفراغ الإصلاح ذاته من محتواه. -ضعف فعالية ونجاعة القانون الفعلي العادي ووجود مقاومة داخلية سوسيوثقافية لإصلاح القضاء الذي يبقى بالإضافة إلى هذا سلاحا في يد الحكومة ضد رجال القضاء أنفسهم. مما يجعل الأمر معقدا للغاية. يترتب عن هذه المعوقات على الأقل ثلاث محاور أساسية يمكن تلخيصها كالآتي: أولا: الابتعاد عن التركيز فقط على "القضايا الاستثنائية" والاهتمام أولا بدعم مبادرات إصلاح القضاء الفعلي العادي. ثانيا: توخي الحذر فيما يخص اعتبار إصلاح القضاء بديلا عن الإصلاح السياسي. ثالثا: رغم الصعوبات وعدم الخلط بين ما هو سياسي وما هو قضائي وجب الاستمرار في إصلاح القضاء. وفي موضوع آخر تثار في مسالة التنظيم القضائي بالمغرب ارتكازه على معيار جغرافي أكثر مما هو وظيفي، الشيء الذي أثر على توازنه وبالتالي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الجغرافية والديموغرافية والوظيفية للمحاكم والتشديد على أهمية تأهيل الموارد البشرية وتحسين العمل القضائي. وفي الأخير يشار أن القانون يعتبر بطبيعته "محافظا" وليس "ثوريا" وبالتالي استحالة وقوع "ثورة" بالقانون. هناك سياسة الإسمنت والكمبيوتر التي ترتكز على بناء المحاكم أو تجهيزها وتزيينها وكذا عصرنة نظامها المعلوماتي وتضخيم الترسانة القانونية استجابة للانفتاح الاقتصادي أو التقارب القانوني مع "الخارج/الاتحاد الأوروبي على الخصوص" أو لمطالب داخلية. هذه السياسة ربما لا تفلح في إصلاح القضاء وبرهنت في تجارب أخرى على وهم إيجاد الحلول عن طريق التجهيز واللوجستيك رغم أهميته أو تضخيم الترسانة القانونية. بالتالي قد يبدو إصلاح القضاء كمحرك للإصلاح الشامل ذو أهمية قصوى. أكيد أنه مسار صعب لكن يمكن البدء فيه أو بالأحرى الاستمرار فيه عن طريق حلقة حميدة تعطي انطلاقته بنفس جديد يصعب معه توقيفه. هذه الحلقة يمكن أن تتكون من مجموعة مستقلة ولو نسبيا عن السلطة السياسية. • وفي مجال التجارة والمال والأعمال، فبالإضافة ربما لضعف التكوين القضائي في هذا المجال، وتضخم الملفات على السنديك في حالات التسوية القضائية للمقاولات، وتداخل الجانب الجنائي مع التجاري.... يصطدم القضاء ربما بحقيقة واقع البنيات السوسيو-اقتصادية التي مازال يغلب عليها ولو نسبيا اقتصاد الريع والاقتصاد الغير المهيكل وهشاشة المقاولة والتجارة الصغرى والصغرى جدا وحتى المتوسطة. مما قد يوحي بإيال القضايا المتنازع عليها لصالح الشركات الكبرى ذات "النفوذ". في حين قد يبدو أن هذا "النفوذ" لا يوجد في بعض الحالات إلا في مخيلة والأحكام المسبقة أو لاشعور بعض القضاة ومهنيي العدالة. من ناحية أخرى، ورغم المجهودات الكبيرة التي قامت بها الدولة في "عصرنة وتحديث" قوانين الأعمال أو المرتبطة بها (قانون الابناك، مدونة التجارة، مدونة الجمارك، مدونة التأمينات، مدونة الشغل، القانون العقاري، قانون المنافسة)، مازال العرف وخاصة السلبي منه، وهشاشة قطاع واسع من المقاولات الصغرى وعدم تملكها للقوانين واشتراكها في صياغتها عبر تمثيلياتهم المهنية على كل حال الهشة هي أيضا إن وجدت، تعيق إلى حد ما السير إلى ما يمكن تسميته "دولة الحق والقانون الاقتصادي". لنأخذ مثلا بسيطا، ألا وهو الشيك. فالمعروف قانونيا أنه وسيلة للأداء الفوري. لكن يستعمله أو يقبله تجار ومقاولون وآخرون على سبيل الضمان والأداء لأجل. قد تمر الأمور وفي غالب الأحيان بسلام، لكن ومع تراجع الأعراف في هذا المجال وتزايد الضغط على المقاولات والتجار، قد يقع ما لم يكن في الحسبان كالاعتقال بتهمة إصدار شيك بدون مؤونة أو مؤونة غير كافية على سبيل المثال. هكذا يقتضي العدل الاقتصادي قبل كل شيء ربما المواكبة والمرافقة المؤسساتية للاقتصاد الغير المهيكل والمقاولة الصغرى والصغرى جدا والمتوسطة، والانتقال باقتصاد الريع أو ما يمكن تسميته باقتصاد "الغنيمة" إلى اقتصاد الشفافية والمنافسة الشريفة وإعادة توزيع منصف للمداخيل. • ويبدو من جهة أخرى أن إلغاء عقوبة الإعدام يحتاج إلى المزيد من النقاش الهادئ. وبخصوص القضايا المتعلقة ببعض القيم (طريقة اللباس، العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، المثلية الجنسية.......)، فقد وجد القضاء نفسه بغض النظر عن القوانين أمام أمور أصبح النقاش العمومي فيها مقبولا. وهذا شيء ضخم في بلد كالمغرب، الأغلبية الساحقة لمواطنيه مسلمون، ونام على تغيير ربما عميق، قد يوحي بسير نحو "حداثة" تحت الضغط. ومن جهة أخرى أظهرت بعض الحالات التي أراد فيها أشخاص تطبيق "قانون ما" بأيديهم (معاقبة سارق بسوق أسبوعي، معاقبة مثليين جنسيين.......) أن الدولة حازمة في احتكار السلطة والإشراف على المساطر القانونية. وهذا أمر مهم للغاية. • وفي مجال إدارة السجون، لا يمكن على كل حال رغم الاكراهات وقلة الوسائل، إنكار المجهودات الهامة التي تقوم بها المندوبية العامة في مجالات عدة: (تغذية، تطبيب، أنشطة رياضية واجتماعية وثقافية، إعادة الإدماج عن طريق التكوين المهني والجامعي، التصنيف، تفتح فضاء السجن على عائلات السجناء والمجتمع المدني والقطاع الخاص.......). لكن وباعتراف من المندوبية نفسها تبقى إشكالية الاكتظاظ مطروحة بشدة وتنعكس سلبا حتى على الجوانب الايجابية. كما لم تضمحل بعض السلوكيات والممارسات والعقليات السلبية والطائشة، ربما فردية لموظفين لم يعو ولم يتملكوا بعد النهج القائم على الحقوق في إدارة السجون. وتجدر الإشارة أيضا إلى ضرورة تفتح وتفاعل حقيقي وفعال ومنهجي وتعاوني يبتعد ما أمكن على "المناسبتية" والنقد المبخس للجهود بين المندوبية والفاعلين المدنيين وآخرين. في هذا الصدد تبدو جهود ومقاربة المناضلة المرحومة "أسية الوديع" مثالا يحتذي به. • من جانب آخر، الكل ربما يتذكر كيف أجهش وزير العدل والحريات والمناضل الحقوقي السابق مصطفى الرميد بالبكاء وهو يتحدث أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سنة 2012 قائلا: "محمد بوزوبع توفي بعد شهرين من انتهاء ولايته والناصري بعد مدة، وأنا يبدو لي أنني لن أكمل. فالله أعلم بالآلام والمعاناة الشديدة والكبيرة مع الكذب والاختلاق، لكن ليس لي خيار إلا أن أمضي في طريق الإصلاح الذي يبدأ بالانضباط، لأن هناك فوضى عارمة". وهكذا يرى فاعلون سياسيون ومدنيون وآخرون انه رغم أن قطاع القضاء من أعقد وأصعب القطاعات الحكومية، وعرف فسادا مستشريا خلال عقود من الزمن، فقد استطاع الوزير وبرعاية الملك،ولو نسبيا، رفع التحدي وإبراز نواة إرادة الإصلاح، وإعادة "السلم" للمحاكم عبر تدبيره الذكي مثلا لاحتجاجات كتاب الضبط وإضراباتهم، استئناف التعاون القضائي والقانوني بين فرنسا والمغرب وعودة قضاة الاتصال. .... وبالتالي كانوا قد رشحوه واقترحوه حينها لولاية أخرى إذا ما ترأس أو شارك حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة. وتجدر الإشارة أيضا أن خطة إصلاح القضاء لا يمكن ربما إلا أن تعزز موقف المغرب التفاوضي الدولي، خاصة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الآلية الأوروبية للجوار والشراكة مع المغرب وبرنامج عملها لفترة 2013 -2017. يبدو أن قطاع القضاء في المغرب عرف خلال السنوات الأخيرة إرادة سياسية للإصلاح. وذالك عبر الحوار الوطني والميثاق المنبثق عنه وكذا التشريعات والقوانين والإجراءات المفعلة والمتخذة في شأنه. هذا إن على مستوى تخليق قطاع العدالة وتفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة أو على مستوى مكافحة الفساد وتكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب. من ناحية أخرى تبدو واضحة التدابير المهمة المتخذة بهدف تحسين الوضعية المادية للقضاة وعقلنة الخريطة القضائية من أجل توفير خدمات قضاء القرب وتسريع وتيرة البت في القضايا الرائجة أمام المحاكم والقضايا المحكومة ضد الإدارات العمومية وشركات التأمين وغيرها من الإجراءات. لكن يبدو صحيحا أيضا أن سهم الإصلاح واكبه ربما ارتباك واضح في الجسم القضائي ومنظومة العدالة (الأحكام المسبقة، الدءوب المألوفة والمثبتة، مقاومات الإصلاح الداخلية الموضوعية والذاتية والسوسيوثقافية الخ)، أدى ربما ثمنه غاليا جدا مجموعة من المتقاضين وبعض القضاة. وهذا أمر معروف في كل عملية تغيير أو إصلاح في شتى المجالات. ففي مجال التدبير توجد مادة أساسية لا غنى عنها ألا وهي "تدبير إرادة التغيير والقيادة"، الذي بدونه قد يعصف بكل جهود الإصلاح. • يقول ابن منظور في لسان العرب " إن العدل هو ما قام في النفوس أنه مستقيم". يظهر أن مفتاح إصلاح منظومة لعدالة هو الأخلاق والضمير المسؤول. يقول الملك محمد السادس في هذا الباب في خطاب الذكرى 14 لعيد العرش «ومهما تكن أهمية هذا الإصلاح، وما عبأنا له من نصوص تنظيمية، وآليات فعالة، فسيظل “الضمير المسؤول” للفاعلين فيه، هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته". لهذا تكمن أهمية البينة ومراجعة الأحكام والصلح كما جاء على سبيل المثال في الرسالة الموجهة من عمر ابن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في القضاء. كما تبدو أهمية تشريع أو تفعيل المساعدة القانونية، العمل بالعقوبات البديلة والطرق الحبية القضائية والوساطة لحل النزاعات التجارية والمدنية وكذلك الجنائية.... كما أن العدل عموما والقضاء خصوصا يثيران ويوقظان ويستفزان العواطف والأحاسيس والمشاعر الإنسانية. يقول الملك الراحل الحسن الثاني وفي خطاب صريح بتاريخ 31 مارس 1982"الحرام معلق بكل قاض قاض. للمغاربة تفكير خاص، إذا جاء الجفاف قالوا هي إرادة الله، والله غالب، كانت حمى التيفويد تأتي كما وقع أيام الحماية، فيقولون الله غالب، تأتي كارثة ما كالقحط الذي وقع بفاس، يقولون الله غالب، جاء زلزال اكادير، فقالوا الله غالب، ولكن أن يظلمهم شخص فهنا لا يقولون الله غالب، المغاربة لهم حساسية خاصة تجاه هذا الموضوع". كما أن بعض نظريات العدالة تعطي أهمية قصوى للأحاسيس. جاء في تقديم الطبعة الفرنسية لكتاب "فكرة العدالة "للمفكر العالمي صاحب جائزة نوبل للاقتصاد، امارتيا صن " يبدو أن المشاعر هي مركز الأخلاق. ويمكن أن تكون إشارة الانطلاق والحركة من أجل تحسين العدالة. مع ذلك ففهم المشاعر يمر لا محالة عن طريق المنطق والدراسة الدقيقة والنقدية، دون السماح لها أي المشاعر بأن تغمرنا". يبدو جليا من خلال ما سبق ضرورة خلق مرصد وطني للجريمة، يستثمر معطياته الممارسون والأكاديميون والباحثون والفاعلون المدنيون والمواطنون من ناحية، ولكن أيضا ومن ناحية أخرى، خلق مرصد للقضايا التي أحس وعبر فيها مواطنون فرادى أو في إطار جماعي أو جمعوي أو مهني او ترابي.... أن ظلما أو حيفا أو غبنا ...قد أصاب أصحابها. • وأخيرا وليس آخراً، ورش إصلاح منظومة العدالة يعد ورشا كبيرا، يتطلب مزيدا من العمل الدءوب والجرأة والشجاعة. لكن ما يهم أن هناك إرادة للإصلاح قد بدأت وجب دعمها والاستمرار فيها عن طريق حلقة حميدة تعطي انطلاقتها بنفس جديد ومستمر يصعب معه توقيفها. هذه الحلقة يمكن أن تتكون من مجموعة مستقلة ولو نسبيا عن السلطة السياسية.

المراجع


- أبحاث، عدد خاص، "مسار القضاء في مجتمع مغربي متحول"، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2016 - الندوات الجهوية والوثائق المرجعية حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، موقع وزارة العدل، www.justice.gov.ma - امارتيا صن، فكرة العدالة، الطبعة الفرنسية، فلماريون، 2012 - خطاب الملك الراحل الحسن الثاني، بتاريخ 31 مارس 1982 - خطاب الملك محمد السادس في الذكرى 14 لعيد العرش - دساتير المغرب 1962، 1970، 1972، 1992، 1996، 2011 - دستور المملكة المغربية 2011 الباب السابع الخاص بالسلطة القضائية - مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، تقرير حول ورشة عمل "إصلاح القضاء ومنظومة العدالة في المغرب"، الرباط، 24 يونيو 2014 - مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، تقرير حول الندوة الوطنية والدولية "إصلاح العدالة في المغرب"، الرباط، 14 أكتوبر 2014 - مسالك، العدد 35 /36، "سلطة القضاء في الدستور بين الإصلاح والتأهيل"، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015 - ميثاق إصلاح منظومة العدالة بالمغرب،يوليوز 2013، موقع وزارة العدل، www.justice.gov.ma