تشكل لغة المدرسة في جميع السياقات المجتمعية والتجارب الدولية منظومة معيارية تستجيب للمقتضيات الدستورية والصفات الاعتبارية التي تحددها السياسة اللغوية للبلاد في علاقتها بالحقوق اللغوية والثقافية من قبيل لغة وطنية - لغة رسمية - لغة جهوية – لغة أقليات ... بحسب مبدأين إثنين : مبدأ الشخصانية الذي من خلاله يفرض الفرد لغته على الدولة كما في نموذج كندا ومبدأ الترابية الذي يتأسس على أن منطق التقسيم الترابي للدولة يقوم على التعدد اللغوي على اعتبار ان حدود كل تراب يرتهن بمجال استعمال لغة معينة كما يمكن الاستدلال عليه بالارتكاز على نموذج سويسرا. اعتمادا على هذه المنطلقات لا يمكن للدارجة في الحالة المغربية أن تلعب دور لغة المدرسة لأنها ليست لغة معيارية بمعنى كذلك أنها لغة شفوية ولا تنضبط لقواعد اللغة المكتوبة بل إن تجلياتها المعتمدة في الكتاب المدرسي تحيل على تنويعة لغوية بعينها وتترك جانبا التمظهرات اللغوية للتنويعات الترابية الأخرى التي ترتبط بمجال من المجالات الثقافية المغربية من قبيل المجال العروبي أو المجال المديني أو المجال الجبلي أو المجال الحساني .... كما أن ولوجها المدرسة يتوجب إعمال وتفعيل آليات التهيئة والتخطيط اللغوي من قبيل التقنين ( (Codification والتقعيد (Normalisation) فالمعيرة (Standardisation) . فهذه الآليات لا يمكن الشروع فيها والخوض في تداعياتها إلا بعد مراجعة دستورية تلحق صفة من الصفات المذكورة أعلاه (لغة رسمية – لغة وطنية - لغة جهوية- لغة أقليات ...) بالدارجة كما هو الشأن فيما يتعلق باللغة الأمازيغية. في الراهن المغربي لغتا المدرسة دستوريا هما العربية والأمازيغية في صيغتهما المعيارية مع خيار الانفتاح على اللغات الأجنبية بحسب الأهداف الوظيفية والتنموية والحفاظ وحماية التعبيرات الثقافية والتنويعات اللغوية المحلية (كموروث لا مادي) عبر إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية كما يوضحه منطوق الفصل الخامس من دستور 2011 . فارتكازا على منطوق هذا الفصل فصفة لغة رسمية تمت إلى العربية والأمازيغية في صيغتهما المعيارية أما الدارجة من خلال تنويعاتها المحلية فتندرج تحت مسمى ما يعرف في أدبيات اللسانيات الاجتماعية بلغة التداول المجتمعي (Véhiculaire ) التي تمكن المجموعات الناطقة بلغات مختلفة أن تتفاعل وتتواصل فيما بينها في تراب معين أي انه في الحالة المغربية تمكن وتسهل التواصل بين الناطقين بالعربية فيما بينهم والناطقين بالأمازيغية فيما بينهم وكذلك بين متكلمي الأمازيغية ومتكلمي العربية . ويختلف هذا النوع من اللغات عن اللغات التي تستعمل داخل المجموعة الواحدة وتسمى ( Vernaculaire). فاعتماد الدارجة لغة للتدريس ولغة للمدرسة ، وليس توارد مفردات بعينها في الكتاب المدرسي للإحالة ووصف ما هو محلي وثقافي وهو ما يدخل من زاوية نظر اللهجيات في باب الاقتراض المعجمي تحت مسمى (Xénismes) ، سيشكل خرقا دستوريا وتراجعا مِؤسساتيا لا سيما إذا تمت مقارنته بوضعية الأمازيغية ، اللغة الرسمية. لذا يمكن أن يؤدى إقحام الدارجة كلغة تدريس وإقصاء الأمازيغية التي نص الدستور على أن تلعب وتضطلع بهذا الدور إلى تجدر التمثلات الاجتماعية السلبية إزاء المدرسة العمومية وتفشي سلوك العصيان و النفور من كل ما هو مؤسساتي واستشاري واختلال منظومة العيش المشترك والرابط الهوياتي وتقويض منظومة السلم الاجتماعي بالمغرب.